الخميس، 27 نوفمبر 2014

ثقافة مجتمع


أعيش وسط عائله بسيطه لا تدخل نفسها فى شئون غيرها ...أنا محمد الابن الوحيد للحاج اسماعيل الراجل الطيب كما يطلق عليه أهل الحته يعمل فراشا فى احدى المدارس ولا أخجل من تلك المهنه بل أفتخر كثيرا به فهو يتعب ويكسب بالحلال لكى يرانى دائما فى أحسن الأحوال ..أما والدتى الحاجه سعاد فلم أرى قلب أحن وأطيب من قلبها ترضى بالقليل وتحمد الله تكرث كل وقتها من أجل راحتى أنا وأبى...
نجتمع جمعينا بعد صلاة العشاء لنتناول الطعام نأكل ونضحك ونتكلم...فرضانا بما قدره الله لنا جعلنا نعيش أسعد أسره فى العالم ...ثم نشرب الشاى ويذهب كلا من أبى وأمى للنوم ...أما أنا فتبدأ رحلتى مع الاجتهاد أملك كم هائل من المذاكره فأنا طالب فى الثانويه العامه أريد أن أحصل على مجموع عالى لأدخل به كلية الطب لأحقق أمنية والدى...تمر ساعات الليل وكأنها ثوانى لم أشعر بها فأتمتع كثيرا بمذاكرة دروسى فمن يملك هدفا صادقا يتلذذ بالامه ومتاعبه حتى يحقق ما يريد...ثم اضطر لضبط المنبه لأريح عينيا لبعض الساعات كى أستطيع مواصلة اليوم التالى...أنام لأستيقظ على صوت منبهى أتناول ما أعدته والدتى من فطور ثم أقبل يداها ورأسها لتقول (روح يابنى ربنا يفتحها عليك ويسعدك ويرزقك من الواسع ويبعد عنك ولاد الحرام) تلك الدعوات هى سلاحى للشعور بالراحه والأمان ....
وهكذا مرت أيامنا فى سعاده حتى ازادت يوم النتيجه حصلت على 99% حققت جزءا من أحلام أبى والتحقت بالجامعه...
علاقتى بها لم تكن أكثر من طالب مجتهد يلتزم بمحاضراته للبيت لا أقترب من أحد ولا أحد يقترب منى...وفى وسط ذلك الروتين شغلت تفكيرى فتاه فى غاية الجمال العيون السوداء الأنف الرقيق الشعر الأسود الطويل ولكن ليس ذلك ما كان يشغلنى بل كثرة جلوسها وحدها عدم اختلاطها بأى شخص...أشعر كأنها مثلى تشبهنى ............ولكن لماذا؟؟؟
فأنا فقير أفضل الابتعاد حتى لا يقلل أحدهم من شأنى وأدخل فى مشاكل تشتت من انتباهى وتركيزى فأعجز عن تحقيق أحلامى أما هى فيبدو أنها ثريه مثل معظمهم تمتلك أحدث موديل سياره أحدث تليفون محمول ملابس فى غاية الشياكه ترتديها كل يوم....فلماذا؟؟؟
فكرت أن أسألها بدافع الفضول وبالفعل قررت ولكنها لم تأت اليوم وليس اليوم فقط بل الغد وبعد الغد أيضا...حمدت الله كثيرا واعتبرت أن غيابها اشاره من الله لى بعدم التدخل فى شئون غيرى كما علمتنى عائلتى ...وفى اليوم الرابع أتت ...كنت جالسا منتظرا المحاضره التاليه نظرت اليها وجدتها تقترب منى نظرت خلفى لعلها تقصد غيرى ولكنى سمعت صوتا رقيقا يسألنى :-
هى :-انت بتحضر كل المحاضرات صح
((انها تكلمنى أنا نعم أنا !!! ))
أنا :-ايوه بأحضرها كلها
هى :-معلش ممكن تدينى ال 3 محاضرات الى فاتوا عشان محضرتش
أنا :-اه أكيد بس ممكن تستنى لبكره هاجمعهم واجيبهملك
هى :-أوك ميرسى ...منه
أنا :- العفو ........محمد
انتهى يومى ذهبت الى البيت مسرعا لأجمع المحاضرات وانظمهم بخط يدى..وفى اليوم التالى نظرت نظره سريعه على المكان كله ولم أتعب فى البحث عنها فوجدتها جالسه وحدها فى نفس المكان تحت الشجره شارده وكأنها منفصله تائهه فى عالم أخر.
أنا :-ازيك يا منه
منه :-الحمد الله تمام أخبارك ايه
أنا :-الحمد الله..جبتلك المحاضرات
منه :-بجد ..ميرسى أوى ليك
أنا :-اتفضلى المحاضرات ولو احتاجتى أى حاجه قوليلى
منه :- طيب ممكن تقعد معايا تفهمنى بيتكلموا عن ايه
أنا :-أه أكيد
وبسرعه مضى اليوم كله نتناقش ونتحدث ولكن أجمل ما فيه أنها أخذت رقم هاتفى وأخذت رقم هاتفها (بحجة لو مفهمتش أو نسيت حاجه تانيه تكلمنى )
كنت جالسا على مكتبى أحاول أن أركز فيما أذاكره ولكنى لا أستطيع أن أتحكم فى خيالى ...أسرح فيها أصبحت أعشق النوم بعد أن كان العدو الأول...سأنام لأحلم بها سأستيقظ لأراها ...لمحت اضاءه من تليفونى فأضعه على الصامت معظم الوقت تعجبت فلم أتعود أن يتصل بى أحد فى هذا الوقت المتأخر من الليل ...رقصت عينيا من الفرحه مجرد أن رأيت اسمها ينور تليفونى ...
أنا :- السلام عليكم
منه :-وعليكم من السلام ..ازيك يا محمد
أنا :-الحمد الله ..أخبارك ؟؟
منه :-الحمد الله ..هو أنا ممكن أتكلم معاك
أنا :-أه طبعا اتكلمى
منه :- طب بص بقا أنا واخده بالى منك من زمان حسيت انك فيك شبه كبير منى معظم الوقت قاعد لوحدك مش بتحاول تقرب من حد عجبتنى من أول مره شفتك فيها وحاسه انى بحبك
أنا :-طب أقولك على حاجه اجدد بقا أنا واخد بالى منك من زمان برضه وكنت بأفكر فيكى ليل ونهار عشان برضه حسيت انك شبهى بس مكنش عندى الجرأه انى اتكلم معاكى وحاسس انى بحبك برضه
ومن هنا بدأت قصة حبنا أجمل ما فيها الاحترام المتبادل -البراءه- الاخلاص -الصدق فى المشاعر.....
عرفت قصتها بأكملها فهى أيضا ابنه وحيده لأب يعمل طبيبا فى المستشفى الخاصه به وفقدت أمها منذ سنوات فى حادث ولكن تزوج والدها من أخرى وهى لا تحب زوجة أبيها ولا زوجة أبيها تحبها ...فتفضل الجلوس وحيده فى حجرتها حتى تعودت على ذلك داخل البيت وخارجه ...أخبرتها بمهنة والدى خافت فى البدايه من أبيها فالبتأكيد سيرفض ولكنها تجاهلت هذا الشعور فستقنعه برأيها فى وقتها ستتزوجنى أنا ليس والدى وكل ما فى يعجبها وكل ما فيها يعجبنى ..حتى أنا لم أشغل تفكيرى بمهنة والدى عندما أتقدم لها ويسألنى عنها ..(فأنا طبيب مثلى مثله مثل ابنته)
ومرت سنوات نذاكر سويا حتى حصلنا على أعلى التقديرات نتحدث نضحك نخرج خططنا لمستقبلنا والعياده الخاصه بنا حتى كم من الأولاد سننجب فكرنا فيها ...
وعملت أنا فى صيدليه لأحصل على دخل خاص بى اعتمد به على نفسى وعلى زواجى حتى أخفف العبء عن أبى ...
تخرجنا ولكن أجبرها والدها للعمل معه فى المستشفى ولم ترفض فعندما تتزوجنى ستتركه وتأتى معى ..وعملت فى مستشفى حكومى بجانب عملى فى الصيدليه ليلا...
حتى جاء اليوم المنتظر اشتريت البدله لى ولوالدى وفستان بسيط لوالدتى سأخطبها اليوم ونتزوج لتصبح كل أحلامنا حقيقه ...أخبرت منه والدها بأن الدكتور محمد كان زميلها فى الجامعه سيتقدم لها ورحب الوالد ولم تخبره بأى شىء أكثر من ذلك ...
ذهبنا وبعد السلامات والترحيبات دخلنا على فترة الأسئله وبمجرد أن عرف بأن أبى فراشا (ازرق وجهه واتسعت عيناه واختفت الابتسامه المرسومه على شفتيه)
والطبيعى أننا طردنا فى الحال من منزل حبيبتى ولكن همت بالجرى وراءنا لتعتذر صفعها والدها على وجهها وقال لها بالنص (عايزه تتجوزى واحد أبوه بيشتغل فراش وتحطى راسى وسمعتى فى الطين يا بنت ال....................)
اعتذرت لوالدى ووالدتى عما حدث ووعدتهم بالأ أقلل من كرامتهم مره أخرى وتوسلت اليهم ليسامحونى ...
وبعد عدة محاولات من منه مع والدها باءت كلها بالفشل اتخطبت لابن عمها الذى يملك الشركات ستتزوجه لتنفذ أوامر والدها ...
علمت بعدها بأن مستشفى الدكتور المحترم والد منه تمتلأ بجرائم سرقة أعضاء البشر وغيرها ...
أما أنا فعملت أكثر وأكثر حتى افتتحت العياده الخاصه بى وأصبحت
(الدكتور محمد اسماعيل اخصائى القلب خريج كلية الطب جامعة القاهره)
ولكن مهما وصلت لمراتب سأظل فى نظر المجتمع ابن الفراش (الخدام)الذى يكنس ويمسح وينظف ...ليس لى الحق أن أعيش حياه كريمه كما أتمناها لأن والدى يخشى الله ويصمم أن ينفق علينا بالحلال أما تجار البشر وغيرهم من (الحراميه) سيظلوا الوجهه المشرفه دائما ............................................................       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق